Start of Main Content

ميريام جرينسبان

تقوم ميريام جرينسبان بتشجيع الناس على مواجهة الحزن، والتعلم منه. ولقد توصلت إلى هذه الفكرة بشكل جزئي عن طريق الاستماع إلى الناجين من الهولوكوست عن قرب، بما فيهم والداها.

نسخة كاملة مكتوبة

ميريام جرينسبان: يعرف كل شخص عمل كاختصاصي في علم نفس، مثلما عملت أنا، مع الذين يعانون من صدمات نفسية—سواء كانت الصدمة بسبب اغتصاب أو عنف منزلي، أو صدمات نفسية على نطاق أوسع، من الشرور المجتمعية—أن الخطوة الأولى في التعافي من الصدمة النفسية هي وضع قصة متناسقة لما حدث.

دانيال جرين: تقوم ميريام جرينسبان بتشجيع الناس على مواجهة الحزن، والتعلم منه. ولقد توصلت إلى هذه الفكرة بشكل جزئي عن طريق الاستماع إلى الناجين من الهولوكوست عن قرب، بما فيهم والداها. وقد وجدت ميريام جرينسبان، التي ولدت في معسكر للمشردين في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرة، إمكانية التعافي حتي بعد الهولوكوست.

مرحبًا بكم في  "آراء حول معاداة السامية"، وهي سلسلة حلقات مجانية لنشرة صوتية يتم بثها عبر الإنترنت، مأخوذة من المتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة، والتي خرجت إلى النور بفضل الدعم السخي المقدم من "مؤسسة أوليفر وإليزابيث ستانتون". معكم دانيال جرين. إننا نقوم بدعوة ضيف كل أسبوعين للتحدث حول العديد من الطرق التي تؤثر بها معاداة السامية والكراهية على عالمنا اليوم. وإليكم اختصاصية علم النفس والمؤلفة ميريام جرينسبان.

ميريام جرينسبان: لطالما علمت منذ نعومة أظفاري بشأن الهولوكوست، ومع ذلك لا أتذكر أنه تم إخباري عنها قط.

منذ أن كنت في سن مبكرة للغاية كان يراودني حلم متكرر وهو أنني كنت أحاول الهرب من رعب لا يمكن تسميته، وغالبًا ما أحاول إنقاذ الآخرين. وعادة ما كان ينتهي الحلم بى وأنا أقف وحيدة ولم أُنقذ أحدًا، ولكني ما زلت حية. وإلى حد ما أعتقد أنني كنت أحلم بأساسيات قصة أمي الناجية.

في الحقيقة لا تُعتبر الهولوكوست قصة صالحة للأطفال الصغار. ولكن في مرحلة ما في سنوات مراهقتي، كانت قابلة للإدراك. وأخيرًا أجريتُ حوارًا مع والديّ في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، عندما كنت في أواخر العشرينات من عمري. كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها قصصهم كلها في مكان واحد وحتى ذلك الحين لم أستطع أن أتذكر إلا بعض الأجزاء لأني أعتقد أن هول الصدمة، كان قاسيًا جدًا لدرجة أن مجرد سماعها في حد ذاته صادم للنفس. ولكن يجب أن يتم سرد القصص.

كما تعلم، فإن المعرفة في حد ذاتها عبء كما أسميها، ولكنها أيضًا ضرورة. ويمكن أن تكون هناك عملية تعافٍ ولكن فقط في حالة حمل عبء المعرفة هذا ومشاركته مع الآخرين.

في عام 1993، كانت هناك مناسبة الذكرى الخمسين لانتفاضة غيتو وارسو، عندما خطط الكثير من اليهود من حول العالم لزيارة بولندا في إشارة رمزية ليقولوا "إننا مازلنا هنا."

وقد دعاني أبي أنا وأخي أن نذهب معه هو وأمي.

كان هناك احتفال في تريبلينكا. وأتذكر غناء قائد جوقة الترتيل لنشيد "صلاة الرحمة،" وهو نشيد الحداد والذي عادة ما يتم غناؤه في يوم الغفران. وفي انسجام تام بدأ مئات الناجين في البكاء، وكانت السماء تمطر. بدا الأمر وكأن العالم كله كان يبكي معنا. لقد كانت لحظة مهمة جدًا من الحداد.

وقد كان أبي يبلغ من العمر 80 عامًا، وبدأ جسده يضعف، عندما قال لي بطريقة مثيرة وهو يدعوني للذهاب معه في هذه الرحلة "قبل أن أموت، ستكون هذه الرحلة وسيلة للشفاء قليلاً قبل أن أموت."

لم أسمعه أبدًا يستخدم مصطلح "الشفاء" فيما يتعلق بالهولوكوست. وأعتقد حقًا أن ذلك كان شفاء إلى حد ما. أنا لا أعتقد أن هناك من اكتمل شفائه بشكل تام من محرقة الهولوكوست. ولكنني أعتقد أنها كانت لحظة شفاء له ولعائلتي.

لقد كان فكر معاداة السامية لا يزال موجودًا بقوة في بولندا، وهو أحد الأشياء الأولى التي اصطدمت بها بقوة عندما وطأت قدماي أرض وارسو. فقد كان يوجد على الباب الأمامي للمعبد اليهودي صليبًا معقوفًا مرسوم حديثًا ومكتوب عليه تلك الكلمات "Raus Juden"—"اخرجوا أيها اليهود."

وكانت هناك أحداث أخرى من هذا القبيل. كنت أفهم القليل من البولندية وسمعت نادلة تقول، "لقد عاد الأوغاد المريعون، هؤلاء اليهود هنا مجددًا." ولذلك كان من المحبط جدًا رؤية مدى معاداة السامية التي لا تزال باقية هناك.

ولكن لحسن الحظ كان هناك شيء آخر في هذه الرحلة، فقد كان هناك نوع من المثال المضاد لما يمكن أن يفعله البشر. وقد حدث ذلك في ليلة إحياء الذكرى، فقد بدأ جسد والدي بأن يصبح باردًا جدًا. فقلت له، "لماذا لا نرى إن كان يمكننا على الأقل الحصول على كوب من الشاي وتدفئتك؟"

فأجابني، "حسنًا، فأنا لا يمكنني الوقوف هنا دون أن أشعر بالدفء."

لذا، تمشينا في الشارع ورأى أبى امرأة بولندية كبيرة في السن فذهب إليها وقال لها إنه يبحث عن مكان ليشرب فيه بعض الشاي.

فقالت له، "يمكنك تناول كوب الشاي في منزلي."

وقد كان منزلها مكانًا صغيرًا جدًا، ومتواضعًا جدًا. من الواضح أنها لم تكن ثرية على الإطلاق، وبالرغم من ذلك فقد دعتنا إلى بيتها هذا لتناول الشاي، وقدمت لنا بعض الخبز. كما قامت بتشغيل جهاز التلفزيون في الحال، وقالت، "يمكنكم البقاء هنا ومشاهدة الوقائع من بيتي حتى لا تشعرون بالبرد."

وأتذكر عندما نظر إلي والدي وقال، "أترين هذه السيدة، إننا يجب أن نتعلم منها ألا نكون متحاملين بأي شكل من الأشكال. فلا ينبغي لنا معاملة جميع البولنديين على أنهم معادين للسامية، انظري إلى هذه السيدة الطيبة."

وبالطبع كان هذا الأمر مذهلاً، فكيف لفعل واحد من عطف إنسانة أن يحقق الكثير.